7:55 ص
0



حذر خبراء من أن أعمال العنف التي تجري في سوريا منذ أكثر من سنة تشكل خطرا محدقا على الكنوز الأثرية التي تملكها البلاد وتتعرض لعمليات النهب والتدمير، خاصة المدينة الأثرية في تدمر وسط البلاد، أحد أهم المواقع المعروفة عالميا والآثار اليونانية والرومانية في أفاميا، المصنفة حسب اليونسكو ضمن التراث العالمي. ويؤكد خبراء الآثار أن الأماكن الأكثر عرضة  للخطر هي تلك المناطق الساخنة التي خرجت عن سيطرة النظام حيث ينشط لصوص الآثار وتستهدف المتاحف ومواقع الحفريات. ويرجح هؤلاء أن تكون القطع الأثرية المسروقة تهرب عبر لبنان أو دول أخرى مجاورة لتباع في السوق السوداء.
وتضم سوريا عددا كبيرا من المواقع الأثرية لحضارات متعاقبة. وكانت منظمة اليونسكو قد أدرجت ستة مواقع على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة وحلب القديمة وقلعة المضيق وقلعة الحصن ومدينة بصرى القديمة ومدينة تدمر والقرى الأثرية شمال سوريا.
وتقول مديرة المتاحف في سوريا هبة الساخل إنه "منذ ثلاثة أو أربعة أشهر تكاثرت عمليات النهب، ولدينا شريط فيديو يظهر لصوصا يقتلعون قطعا من الفسيفساء في أفاميا بواسطة آلة ثقب، وفي تدمر هناك العديد من المجموعات التي تنشط في مجال البحث عن الآثار ونهبها".
مخاطر متعددة
وحسب الساخل فإن مواقع تاريخية أخرى في سوريا كانت هدفا للصوص الآثار الذين يستفيدون من حالة الانفلات الأمني في البلاد لتنفيذ مخططاتهم في سرقة الآثار وتهريبها.
وتضيف أنه رغم  أن سرقة الآثار كانت موجودة منذ سنوات، ارتفعت وتيرتها جراء الاضطرابات التي منعت الحماية اللازمة في بعض المواقع الأثرية.
وحسب الساخل فإن البلاد غنية بالآثار "بحيث يمكن أن يحفر المرء في أي مكان ويجد آثارا.. وأن أولئك الذين ينهبون الآثار هم من السكان المحليين أنفسهم، يفعلون ذلك بدافع الكسب، دون أن يعرفوا قيمة وأهمية الآثار التي يعتدون عليها".
وقد كان متحف حماة وسط البلاد هدفا للصوص الآثار الذين نهبوا الأسلحة القديمة الموجودة فيه وتمثالا يعود إلى العصر الآرامي. وإلى شمال غرب مدينة حماة أصيبت قلعة شيزر المطلة على نهر العاصي بأضرار، وسرق تمثال روماني من الرخام من متحف أفاميا وعمل اللصوص على التنقيب والحفر وسرقة الآثار من عدة مناطق في البلاد.
ويقول ناشطون معارضون مستندين إلى مقاطع فيديو أيضا إن الجيش السوري قصف عدة مواقع أثرية من بينها قلعة المضيق في ريف حماة، أثناء عملياته لاستعادة الأمن في بعض المناطق التي خرجت عن سيطرته.
وتظهر مقاطع بثها ناشطون على الإنترنت تعرض القلعة لقصف القوات النظامية. كما تعرضت للنهب مدينة إيبلا الأثرية الواقعة في محافظة إدلب، التي تركزت فيها العمليات العسكرية والاشتباكات بين القوات النظامية والمنشقين عنها في الأسابيع الماضية.
كما تقول هبة الساخل إن مسلحين احتلوا قلعة الحصن التي بناها الصليبيون وكانت من أهم الوجهات السياحية في سوريا قبل الأزمة وأخرجوا الحراس منها.
ويؤكد مدير الحفريات الأثرية في سوريا ميشال مقدسي أن أكثر المواقع عرضة للخطر هي المناطق الواقعة إلى شمال الهضبة الكلسية، التي تضم مئات الأديرة والكنائس القديمة، شمال غرب البلاد، قائلا "برأيي هذه المنطقة هي الأكثر عرضة للخطر الآن، لأنها ليست تحت الإشراف المباشر لدائرة الآثار".
تراث إنساني
وحثت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي الدول الأعضاء والهيئات الدولية إلى حماية التراث الثقافي الغني في سوريا، وضمان عدم تعرضه للسرقة والتهريب من البلاد، قائلة في بيان "إن الإضرار بتراث بلد هو إضرار بروح الشعب وهويته".
وكان معارضون سوريون قد طالبوا اليونسكو بالتحرك الفوري من أجل وقف "تدمير المعالم الأثرية" في سوريا، واتهموا النظام السوري بأنه "يستهدفها" أثناء عملياته العسكرية، وطالبوا بإضافة عمليات التدمير هذه إلى قائمة "جرائم النظام".
وحسب رئيس قسم الآثار في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت مارك غريشماير تكتسب الآثار السورية أهمية استثنائية من حيث أنها شاهدة على التطور البشري. قائلا "الأمر الرائع في سوريا هو أنها تشهد على نشوء القرى الأولى في التاريخ".
ووفقا لمديرة المتاحف هبة الساخل فإن السلطات بدأت تعمل على حماية بعض آثار البلاد وشرعت بنقل القطع الأثرية لحمايتها من السرقة أو التدمير، مشيرة إلى وجود "خطة لنقل هذه القطع إلى المصرف المركزي". وتضيف "آمل من المجتمع الدولي أن يوجه رسالة إلى الشعب السوري مفادها أن تراثه على المحك".
وتشدد الساخل على أن "هذا التراث ليس ملكا لا لحكومة ولا للرئيس، إنه ملك لكل السوريين، وملك أيضا للبشرية جمعاء، فلا ينبغي أن يتعرض للتدمير حتى وإن كان البعض يطالب بالحرية".

0 التعليقات:

إرسال تعليق